أكثر من مليار و500 مليون جنيه في انتظار قرار الرئيس
تفاصيل فضيحة حكومية من العيار الثقيل
جامعة خاصة للدكتور نظيف بأموال الحكومة
127 فداناً خصصتها وزارة الإسكان لصالح إقامة جامعة النيل .. ووزارة الاتصالات تنشئ المباني
بقلم :- مصطفي بكري
هذا التحقيق ليس ترصداً للدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، ولا هو محاولة للنيل من شخصه وسمعته، ولا يعني اتهاماً له باستغلال النفوذ، وإنما هو مجرد تساؤلات مدعمة بالوقائع والمستندات، من حقنا أن نسأله فيها، ومن حقه علينا أن ننشر رده كاملاً، إذا قرر الرد، أو إذا وجد ما يرد به، ولكن الأمر في كل الأحوال جلل وخطير، فالرجل أسس جمعية أهلية ونصَّب نفسه رئيساً لها، وهو وزير للاتصالات، ثم سرعان ما سعي لامتلاك جامعة، تقوم الدولة بمنحه أراضيها، وإنشاء مبانيها، ثم التنازل عنها، في مقابل عدد غير محدد من الطلاب ترشحهم وزارة الاتصالات ويمكن إلحاقهم بهذه الجامعة الوليدة.
القصة مثيرة، وتكشف عن قدرة فائقة علي توظيف القوانين لحساب المصالح الخاصة، أو فلنقل المطالب الخاصة، وهي عملية في كل الأحوال تصلح أن تكون حبكة درامية، لتقدم في مسلسل تليفزيوني رمضاني.
قبيل أن يتولي منصبه كرئيس للوزراء في يوليو ٤٠٠٢، كان الدكتور أحمد نظيف وزيراً للاتصالات في حكومة د. عاطف عبيد، وكان واحداً من المقربين إليه، فهو الذي رشحه واختاره بديلاً عن الدكتور هشام الشريف الذي كانت كل المؤشرات تؤكد أنه القادم في هذا الموقع.
وفي النصف الأول من عام ٤٠٠٢، تفتق ذهن الدكتور نظيف عن مشروع ضخم وكبير، يضمن المستقبل مالاً ومكانة، إنه يعرف أن المناصب زائلة، وأن فرصته الوحيدة تبدأ من الآن، خاصة أن جميع المؤشرات كانت تؤكد أن حكومة عاطف عبيد لن تعمر طويلاً، وأنه قد يفقد منصبه الوزاري مع أي تغيير قادم.
قرر د. أحمد نظيف تأسيس جمعية أهلية طبقاً لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم ٤٨ لسنة ٢٠٠٢، أطلق عليها اسم 'المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي' وقال إنها مؤسسة أهلية غير ربحية، وإن هدفها هو إنشاء جامعة بحثية وعلي نحو يدعم تحقيق متطلبات الدولة في مجال تنمية المهارات الإدارية للقيادات العليا والمتوسطة، وكان طبيعياً أن يترأس سيادته هذه الجمعية الأهلية، وأن يضم لها عدداً من الخبرات والشخصيات الهامة في البلاد، وهل أحد يمكنه أن يرفض الانضواء تحت هذا الهدف النبيل، والمساعدة في تطوير التعليم التكنولوجي بالبلاد؟
لقد ضمت المؤسسة الأهلية في هذا الوقت عدداً من أبرز الشخصيات الطبيعية والاعتبارية منهم:
> د. أحمد محمود محمد نظيف 'أحمد نظيف' وزير الاتصالات والمعلومات 'رئيس وزراء حالياً'.
> أيمن سليمان مدير المكتب الهندسي الاستشاري 'صبور'
> أحمد حسن إسماعيل مهندس استشاري.. 'مدير مشروع جامعة النيل للتكنولوجيا'.
> د. إبراهيم جميل بدران وزير الصحة الأسبق.
> د. جمال الدين محمد علي سيد أحمد أستاذ ورئيس قسم هندسة الحاسبات.. هندسة عين شمس.
> رضا الله محمد حلمي.. رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لصناعة الفيبر.
> صدقي رياض.. مستشار مشروع المشاركة التنافسية مصر.
> طارق محمد كامل محمود.. مستشار وزير الاتصالات والمعلومات.. 'وزير الاتصالات حالياً'.
بالإضافة إلي عادل رشاد دانش، عثمان لطفي السيد، علي حنفي زكي عيد، علي صادق عبدالحميد، فاروق إسماعيل أحمد، محمد أنيس توفيق البرادعي، محمد حسن رسمي علي، محمد عيد عبدالمجيد، محمود صبري الشبراوي، مصطفي كامل، مصطفي محمد عثمان الرفاعي، مني صلاح الدين ذو الفقار، هاني أحمد صفي الدين خاطر.
وقد اختار د. نظيف مؤسسين من الشخصيات الاعتبارية وهي.. شركة فودافون، شركة فيرجيتيك لتكنولوجيا المعلومات، شركة مايكروسوفت، المركز الإقليمي لتكنولوجيا المعلومات وهندسة البرامج، الشركة المصرية للإنترنت والبنية الرقمية، جامعة فيرجينيا تك، مركز معلومات مصر، شركة الأهلي للاتصالات.
وبعد أن أتم عملية التأسيس اختار للجمعية مجلساً للأمناء برئاسته وقد ضم كلاً من: د. إبراهيم بدران، م. عقيل بشير 'المصرية للاتصالات'، م. عثمان لطفي 'موبينيل'، م. محمد علي الحمامصي شركة فودافون، إيليا ثروت باسيلي شركة فيرجيتيك، م. علي فرماوي 'شركة مايكروسوفت'، مني صلاح الدين ذوالفقار، د. جمال الدين محمد علي سيد أحمد، أحمد نصر الدين طنطاوي.
وفي البداية تعهدت المؤسسة تحت رعاية وزارة الاتصالات والمعلومات التي كان د. أحمد نظيف وزيرا لها بإنهاء إجراءات إنشاء جامعة النيل كجامعة بحثية، طبقاً لقانون الجامعات الخاصة رقم ١٠١ لسنة ٢٩٩١ وذلك علي الأرض والمنشآت التابعة لوزارة الاتصالات والمعلومات بمدينة الشيخ زايد، والتي تم تخصيصها بقرار من الوزير نظيف لهذا الغرض.
وفي مقابل ذلك كان الثمن ضعيفاً ومحدوداً للغاية، ألا وهو توفير عدد من المنح الدراسية لصالح الوزارة من عدد الطلاب المقبولين، وبالقطع لم يحدد د. نظيف هذا العدد، فمن الممكن أن يكون عشرة أو عشرين أو حتي مائة طالب.
ومن أجل تمرير هذه الصفقة تم النص في هذا الوقت علي أن تظل وزارة الاتصالات والمعلومات هي الجهة المالكة للأرض والمرافق والمنشآت والتجهيزات التي ستقام عليها جامعة النيل.
غير أن القانون رقم ٢١ لسنة ٩٠٠٢ الخاص بالجامعات الخاصة والأهلية ولائحته التنفيذية ينصان علي أنه وبعد حصول الجامعة الخاصة علي القرار الجمهوري بإنشائها؛ فإن ذلك يقتضي ضرورة التنازل عن الأرض والمباني لصالح الجامعة.
وبذلك تكون الجمعية الأهلية التي يترأسها د. أحمد نظيف قد استطاعت بهذه الطريقة وبهذا النص امتلاك جامعة خاصة بأراضيها ومبانيها التي لم تتكلف فيها مليماً واحداً.
لقد حصلت المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي، والمشهرة برقم ٧٧٧١ بتاريخ ٥٢/٥/٣٠٠٢ علي مساحة من الأرض تبلغ ٧٢١ فداناً، أي ما يعادل نصف مليون متر في مدينة الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر، قيمة المتر حوالي ٠٠٠٢ جنيه، بما يعادل حوالي مليار و٠٦١ مليون جنيه بهدف إقامة الجامعة عليها.